الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

عُمان قبل الإسلام[عدل]

منذ عصر النهضة العُمانية المعاصرة بدأت البعثات العلمية للتنقيب عن الآثار تمارس ‏عملها وتوصلت إلى نتائج علمية على درجة كيبرة من الأهمية لعل من أهمها اكتشاف ‏مجتمعات عمرانية وجدت على الساحل العُماني الشرقي والغربي ترجع إلى الألفية ‏السادسة قبل الميلاد وكشف النقاب عن مجتمعات أخرى في موقع القرم بمسقط تعود إلى ‏الألفية ‏الخامسة قبل الميلاد حيث عثر على مقابر وبقايا أطعمة وأمتعة شخصية تشير إلى ‏أن سكان هذا الموقع كانوا يمارسون حرفة الصيد بينما إحترف بعضهم مهنة قنص ‏الغزلان من الوديان في المناطق الداخلية من عُمان وعثر على حلي للرجال والنساء بما ‏يؤكد بلوغ درحة ما من التقدم التقني والحضاري.‏
وقد كشفت التقارير العلمية التي نشرت عام 1987م عن محطة التنقيبات الأثرية التي ‏أجريت في المنطقة الوسطى من الباطنة لتؤكد وجود مجتمعات قديمة لها نشاطها ‏الاقتصادي والسياسي المنظم ولها علاقاتها الخارجية مع العديد من الدول الأخرى، ففي ‏دراسة نشرها كل من الباحث الإيطالي باولو كوستا، البروفسور البريطاني جون سي ويلكنسون حلو منطقة صحار قدم المؤلفان ‏معلومات وافية عن المجتمعات التعدينية والزراعية والتجارية للمنطقة التي ترجع ‏أصولها التاريخية إلى مراحل بعيدة من العصور القديمة إمتدت إلى العصور الإسلامية ‏‏.‏
كما قدم الباحثان (كوستا وويلكنسون) تقريراً علمياً دقيقاً يؤكد وجود مناطق تعدينية ‏لاستخراج النحاس خلف المنطقة الزراعية بنحو 25 كيلو متراً على سفح جبال الحجر ‏الغربي ودل العثور على آثار حجرية في المنطقة بما يؤكد قيام مجتمعات صغيرة في ‏مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد وقد أكدت الدراسة إستمرار إستغلال هذه المناجم إلى ‏العصور الإسلامية.‏
كذلك أكدت الدراسات البحثية التي أجريت في العراق عن استخدام النحاس منذ القرن ‏الرابع قبل الميلاد وأضافت هذه الدراسات إنه كان ينقل من عُمان عن طريق الرحلات ‏البحرية في الخليج.‏
ومنذ منتصف الألفية الثانية أخذ استخدام الحديد ينتشر بصورة متزايدة ‏و بخاصة في صناعة الأسلحة مما قلل من أهمية الطلب على النحاس وشيوع مواد ‏تجارية جديدة مثل اللبان والأفاوية والجمال والخيول، لذا فقد أخذت التجارة العُمانية ‏تتجه في معظمها صوب الغرب والشمال لتحدد مع تجارة قوافل جنوب الجزيرة العربية ‏الواسعة فيما عرف بطريق البخور.‏
لقد تضاعفت أهمية تجارة عُمان منذ الألفية الأولى قبل الميلاد بسبب مقدرة العُمانيون ‏على توفير سلع أجنبية للأسواق العربية مثل القرفة التي كان يستوردها العُمانيون من ‏الهند ويقومون بنقلها إلى بقية الأسواق العربية ومما يستلفت النظر إن اسم (مجان) قد ‏أصبح له مدلول جغرافي أوسع خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، حيث شمل جميع ‏الأقسام الجنوبية من الجزيرة العربية إبتداء من مضيق باب المندب وحتى مضيق هرمز ‏و عموماً فإنه مع ضعف الطلب على النحاس وجد العُمانيون بديلاً في اللبان والبخور ‏و الخيول والمنتجات الهندية والصينية ومن ثم فقد نشطت تجارة التوابل إضافة إلى ‏الحرف التقليدية التي إمتهنها العُمانيون منذ العصور التاريخية القديمة وهي الزراعة ‏و برعوا في توفير المياة من خلال الأفلاج والعيون وتقدم الدراسات الأثرية الحديثة ما ‏يؤكد مقدرة الإنسان العُماني وتفوقه في مهنة الزراعة ومهارته الشديدة في التفنن في ‏إستغلال المياة من خلال شق الأفلاج ويشير القزويني (آثار البلاد وأخبار العباد) إلى أن ‏إرم ذات العماد تقع في منطقة الأحقاف من الجزء الجنوبي الغربي من عُمان ثم يقول ‏‏(لقد أجرى الملك إليها نهراً مسافة أربعين فرسخاً تحت الأرض فظهر في المدينة ‏فأجرى من ذلك النهر السواقي في السكك والشوارع وأمر بحافتي النهر والسواقي ‏فطليت بالذهب.

عُمان والإسلام[عدل]

كان العُمانيون من بين أوائل الناس الذين دخلوا في الإسلام وعادة ما يرجع التحويل من العُمانيين إلى عمرو بن العاص الذي بعثه النبي محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حوالي 630م لدعوة جيفر وعبد إبني الجلندى حكام عُمان في ذلك الوقت لقبول الإيمان في تقديم الإسلام أصبحت عُمان يحكمها حاكم منتخب وهو الإمام.
خلال السنوات الأولى من البعثة الإسلامية، لعبت عُمان دوراً رئيسياً في حروب الردة التي حدثت بعد وفاة النبي محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وأيضاً شاركوا في الفتوحات الإسلامية العظيمة براً وبحراً في العراق وبلاد فارس (إيران) وخارجها وكان الدور الأبرز في سلطنة عُمان في هذا الصدد من خلال أنشطتها التجارية والملاحة البحرية الواسعة في منطقة البحيرات العظمى الأفريقية والشرق الأقصى وخاصة خلال القرن التاسع عشر عندما ساعد إدخال الإسلام إلى السواحل السواحلية ومناطق معينة من وسط أفريقيا والهند وجنوب شرق آسيا والصين، بعد تقديمه للإسلام كان يحكم عُمان قبل الأمويين بين (661م - 750م، 750م - 931موالعباسيين بين (931م - 932م، 933م - 934م -967موالقرامطة (933م - 934موالبويهيين بين (967م - 1053موالسلاجقة من كرمان بين (1053م - 1154م).
إرتبط العُمانيون بأصول عربية عريقة والثابت أنه حدثت هجرة عربية كبيرة في العصور التاريخية الأولى من شمال شبه الجزيرة العربية إلى عُمان وسواحلها وذلك بسبب الجفاف في شبه الجزيرة العربية ولا يعرف بالضبط تاريخ هذه الهجرة وهل كانت هجرة كبيرة واحدة أو على دفعات وهؤلاء المهاجرون ينتسبون إلى قبائل نزار وهم العدنانيون عرب الشمال.
يستدل من المصادر العربية أن عُمان تعرضت لهجرة يمنية كثيفة العدد، منذ فجر التاريخ وأكثرها شهرة هي الهجرة التي أتت بعد إنكسار سد مأرب وتهدمه في القرن الأول الميلادي فرحلت لخم والزد عن اليمن إلى أطراف شبه جزيرة العرب فنزل بعض الأزد في الطرف الشرقي من عُمان بينما إستقر الأوس والخزرج في يثرب، أما بنو عمرو بن عامر الذي يعود نسبه إلى مازن بن الأزد فقد نزلوا بمشارف الشام. ويذكر البلاذري أن الأزد بعد خروجهم من بلادهم إنتقلوا إلى مكة المكرمة ومن هناك تفرقوا فأتت طائفة منهم عُمان وطائفة السراة وطائفة الأنبار والحيرة وطائفة الشام.
وفي الحقيقة لا يوجد تاريخ دقيق لهجرة الأزد إلى عُمان ولا تحديد ثابت لخط سير هذه الهجرة سواء عن طريق حضرموت إنطلاقاً من مأرب أو عن طريق اليمامة والبحرين إنطلاقاً من السراة (عسير) وإن كانت بعض المصادر تشير إلى أن قبيلة الأزد التي كانت تسكن مأرب في نهاية القرن الأول الميلادي هاجرت من مأرب عبر وادي حضرموت، ونزلت سيحوت في (الشحر) بقيادة مالك بن فهم الذي إنتقل بالبحر إلى (قلهات) (15 ميلاً شمال غرب صور) وقام بتحرير عُمان من الفرس خلال معارك شرسة وأصبح السيد الأول المستقل على كل عُمان.
والحق أن المواجهة بين عرب عُمان والفرس على الخليج العربي جعلت العُمانيين يحرصون على إستقلالهم وعلى الاعتزاز بعروبتهم وأصالتهم اعتزازاً كبيراً ويستكمل العُمانيين النصر على الفرس بنزولهم في أرض بلاد فارس نفسها، إذ نجح سليمة بن مالك بن فهم في إقتطاع أرض كرمان من العجم، ولم تخرج كرمان عن حكم العُمانيين إلا بعد وفاة سليمة بن مالك بن فهم وإختلاف رأي أولاده من بعده. فتغلبت الفرس عليهم وإستولوا على ملك أبيهم في كرمان وإضمحل أمرهم فتفرقوا بأرض كرمان ورجعت فرقة منهم إلى أرض عُمان.

إمامة عُمان[عدل]

وجد العُُمانيون أن عامل الخليفة العباسي قد ترك لهم الخيار وأن الخلافة لم تعد تسير على النهج الإسلامي الصحيح، فهي حكم متوارث أكثر من كونها خلافة إنتخابية وهم لذلك لا يرون في هؤلاء الخلفاء ما يلزمهم طاعتهم، فقرروا إنتخاب إماما لهم يتولى شؤونهم، فعقدوا الإمامة على الجلندى بن مسعود بن جيفر بن الجلندى حفيد حاكم عمان عند ظهور النبي عليه السلام ومن مشاهير علماء الدين في عهده عبد الله بن القاسم وهلال بن عطية وخلف بن زياد البحراني وشبيب بن عطية العماني وموسى بن أبي جابر الأزكاني وبشير بن المنذر النزواني، وما دمنا بصدد الإمامة التي يقرأ القارئ كل حين عنها في الصحف ويتردد سمعها في الإذاعات والبرامج التلفزيونية، فلابد من أن يتعرف على أساسها ليكون على بينة من ذلك. ومعنى الإمامة لدينا معروف فهو مرادف لكلمة الخلافة وهو في معناه العصري حكم جمهوري ينتخب فيه الشعب حاكمه، وبالنسبة للإمامة فهو أقرب إلى الناحية الدينية فالمنتخبون هم أعيان البلاد، وهم أيضا رجال الدين في البلاد، ولكنه على كل حال حكم منتخب يمثله حاكم يسمى إماما له حقوق وعليه أيضا حقوق، فمن حقوقه تمثل السلطات التنفيذية، فالإمام رأس الحكومة يساعده من يختاره من الأكفاء وهو المرجع الأعلى في حسم الأمور وتوجيه سياسة البلاد وتخطيط مستقبلها وعليه أيضا أن يجعل الأمر شورى بين المواطنين وأن يتقبل النقد ويتسم بالنزاهة في كل جانب، فإذا حاد عن الخط المستقيم وجب خلعه وجوبه بالحقيقة دون خجل أو وجل. وفي عهد الإمام الجلندى لجأ شيبان بن عبد العزيز اليشكري كبير الصفرية هارباً من السفاح إلى عُمان، فأمر الإمام بمقاتلته وفوض بذلك إلى قاضيه هلال بن عطية والقائد يحيى بن نجيح، فأشتبك الجيشان في معركة كبيرة قتل فيها شيبان ومعركة الإمام الجلندى مع شيبان فيها مدلولها على سعي أتباع المذهب الإباضي في نشر الحق والذود عنه، فرغم أن الصفرية إحدى مذاهب الخوارج ورغم أن الصفرية والإباضية مذهبان بدآ بالخروج على التحكيم في صفين، لم يجد الإمام في ذلك مانعاً من أن يحاربهم ويقضي عليهم نهائياً، إذ وجد أنهم يسيرون في تعصب وضلال ونفذ الإمام حكم القتل في ثلاثة من أقاربه لمحاولتهم الخروج عن الإمامة، هم جعفر الجلنداني وإبناه النظر وزائدة وقد شهد بنفسه تنفيذ الحكم، فظهر على وجهه الاستياء، فهب صحبه يعترضون عليه قائلين: " إعفيه يا جلندى "..... فقال: " لا ولكن الرحمة " ورجل وهذا شأنه وقوم وهذا عزمهم في الإبقاء على حقوقهم بالإمامة لا يستغرب إذا حافظوا عليها في القرن العشرين وهو قرن الديمقراطيات والحكم الشعبي ولعل في اتصال ثورتهم الحالية وصمودهم ضد كل عسف ترويهما هذه المآثر التي ورثوها أباً عن أب والتي تدعوهم إلى المحافظة على إنتخاب الحاكم وصلاحه سواء كان إسمه إماماً أو غير ذلك.

عُمان وبني نبهان[عدل]

يتفق المؤرخون على أن حكم بني نبهان، استمر خمسة قرون تقريباً 1154 - 1624م ‏عرفت الأربعة القرون الأولى بفترة النباهنة الأوائل والتي إنتهت بحكم سليمان بن ‏سليمنا بن مظفر النبهاني.‏ عمان والدولة الاموية والعباسية وحكام النباهنة وعرفت الفترة الثانية بفترة النباهنة المتأخرىن والتي إمتدت من عام 1500 إلى 1624م ‏حيث إنتهت مع قيام دولة اليعاربة وظهور الإمام ناصر بن مرشد اليعربي عام 1624م.‏
والنباهنة من أصول عربية حيث سنتسبون إلى قبيلة العتيك الأزدية العُمانية العريقة وقد ‏وصفهم ابن زريق بأنهم ملوك عظام وكان من أشهر ملوكهم جوداً وكرماً الفلاح بن ‏المحسن، لقد أشاد ابن بطوطة أثناء زيارته لعُمان بتواضع الحكام النباهنة حيث إتيح له أن يلتقي ‏بالملك النبهاني أبي محمد الذي قال عنه: (و من عاداته أن يجلس خارج باب داره ولا ‏حاجب له ولا وزير ولا يمنع أحداً من الدخول إليه من غريب أو غيره ويكرم الضيف ‏على عادة العرب ويعين له الضيافة ويعطيه على قدره وله أخلاق حسنة).‏ يعتبر عصر النباهنة بأنه من أكثر فترات التاريخ العُماني غموضاً بسبب قلة المصادر ‏التي تناولت هذه الفترة لكن ما وصل إلينا من معلومات يعطي إنطباعاً بأن عصرهم ‏كان عصر تنافس وصراعات داخلية ويصعب تتبع أحداث هذه الصراعات لكن من ‏الثابت أن تدهور الأوضاع الداخلية قد أغرى الفرس لمحاولة إحتلال عُمان وأن هجوماً ‏قام به الفرس في عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان لكن العُمانيين تصدوا لهذا ‏الهجوم وقضوا عليه إلا أن هجوماً آخر قد وقع سنة 660 هـ / 1261 م في عهد الملك ‏أبي المعالي كهلان بن نبهان بقيادة ملك هرمز محمود بن أحمد الكوستي الذي تمكن من ‏الإستيلاء على قلهات مستغلاً الصراعات القبلية ثم مضى نحو ظفار حيث قامت قواته ‏بنهب الأسواق ومنازل الأهالي وسبي رقيقهم وبلغ عدد السبي إثنى عشر ألفاً وحملت ‏الأمتعة والأموال المسلوبة والرقيق إلى قلهات ثم إتجه معظم الجيش متوغلاً في داخل ‏عُمان عن طريق البر يقوده ملك هرمز بنفسه ولما وصل جيشه إلى منطقة القرى حيث ‏جبال ظفار الشاهقة تم الاستعانة بعشرة رجال من أهل ظفار كأدلاء للطريق فلما وصلوا ‏بهم إلى داخل عُمان هربوا عنهم ليلاً وعلى حد تعبير أبن رزيق ‏:‏ (أصبحوا حائرين ‏يترددون في رمال عالية وفيافي خالية) فتاهو في تلك الصحاري الواسعة ونفذ ما معهم ‏من ماء وطعام ونفقت دوابهم من الجوع والعطش وهام ملك هرمز على وجهه في ‏الصحراء فهلك ومعظم جيشه ومن بقي منهم قتل على يد عرب البادية إلا نفر قليل ‏واصلوا سيرهم حتى وصلوا إلى جلفار ومنها أبحروا إلى هرمز.‏ أما بقية الجيش في قلهات فقد أغار عليهم رجال قبيلة بني جابر وقضوا عليهم ودفنوهم ‏في مقابر جماعية تعرف إلى اليوم بقبور الترك.‏
وفي عام 647هـ/1276م وخلال حكم عمر بن نبهان أغار الفرس على عُمان بقيادة ‏فخر الدين بن الداية وأخيه شهاب الدين نجلي حاكم شيراز وعندما نزل الجيش الفارسي ‏مدينة صحار التقى بهم عمر بن نبهان في حي عاصم بمنطقة الباطنة وظل يقاتل حتى ‏إستشهد وثلاثمائة من جيشه وزحف الغزاة إلى نزوى التي إستولى عليها الغزاة ونهبوا ‏منازلها وسوقها وأحرقوا المكتبات وأخرجوا أهل عقر نزوى من منازلهم وحلوا محلهم ‏ثم توجهوا إلى بهلا العاصمة الثانية للنباهنة وحاصروها إلا إنها إستعصت عليهم وخلال ‏فترة الحصار قتل فخر الدين أحمد بن الداية وكان لقتله أكبر الأثر على معنويات جنده ‏الذين قرروا الانسحاب من عُمان نهائياً بعد أم مكثوا فيها أربعة أشهر عاشوا خلالها ‏فساداً وقتلاً.‏
وفي عام 866هـ/1462م أغار الفرس على عُمان وإتخذوا من بهلا مقر لهم بعد أن ‏طروا الملك النبهاني سليمان بن مظفر الذي فر إلى الأحساء التي إتخذها مكانا لإعادة ‏ترتيب جنده ثم عاود هجومه على الفرس وتكن من تحرير عمان وإعادة ملكه لكن يبدوا ‏أن إنقساماً قد وقع بين النباهنة أنفسهم لذا فقد رحل سليمان بن مظفر إلى شرق إفريقيا ‏حيث أسس مملكة بته (بات) بعد أن ترك ولداه سليمان وسحام في عمان وإشتد بينهما ‏الصراع على السلطة وإنتهى الأمر بإنتصار سليمان على أخيه لكن الصراع بينه وبين ‏زعماء القبائل لم يتوقف إلى أن إختارت القبائل محمد بن إسماعيل إماماً.‏
ثم تجددت الصراعات مره أخرى حينما تمكن سلطان بن محسن بن سليمان النبهاني من ‏إستعادة ملك أجداده وإنتزاع مدينة نزوى عام 924هـ/1556م إلا إنه لم يتمكن من ‏السيطرة على داخلية عمان.‏
وقد بقيت البلاد تتنازعها الإنقسامات والحروب الأهلية إلى أن تمكن سليمان بن مظفر ‏بن سلطان من السيطرة على داخلية عمان وإتخذ من مدينة بهلاً مقراً لحكمه ونجح ‏العمانيون في صد هجوم قارس على مدينة صحار لكن ما لبثت الفتن أن أطلت برأسها ‏من جديد ولما كانت مدينة بهلا مقراً لحكم النباهنة فقد حرص كل زعيم منهم على أن ‏ينفرد بحكمها لذا فقد إنقسمت البلاد بين أشخاص نصبوا من أنفسهم ملوكاً على مدن ‏وقطاعات إتسمت أوضاعها بالضعف وإمتد الصراع إلى منطقة الظاهرة التي كان ‏مسيطراً عليها أبناء الملك النبهاني فلاح بن محسن، عُمان والدولة الاموية والعباسية وحكام النباهنة. لقد تناولت المصادر العمانية الفترة الأخيرة من حكم النباهنة حيث سادت الفوضى ‏وإنقسمت عمن إلى ممالك صغيرة وتدهور الحياة الاقتصادية والسياسية إلى أن قيض الله ‏لعُمان رجلاً من بين رجالاتها تميز بكفاءة عالية ألا وهو ناصر بن مشرد اليعربي الذي ‏إختاره أهل الحل والعقد في عُمان وعقدوا له الإمامة سنة 1034هـ/1624م وبذلك ‏بدأت عمان مرحلة جديدة من التلاحم حيث إستوعب الإمام الجديد كل تجارب وطنه ‏و عزم النية على أن يبدأ بتوحيد البلاد على اعتبار أن ذلك هو صمام الأمان لمواجهة ‏الخطر الخارجي المتمثل في الإحتلال البرتغالي وإستهلت عُمان عصراً جديداً تميز ‏بالشموخ والقوة.‏

الإمبراطورية العُمانية[عدل]

الإمبراطورية العُمانية في أقصى إتساعها عام 1856م.
دولة اليعاربة (1624 م - 1741 م / 1033 هـ - 1153 هـ) هي عُمان الكبرى وهو ما يعرف حديثاً بسلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وإمتدت لتشمل شرق أفريقيا وجزء من فارس وعاصمتها الرستاق بعد القضاء على دولة بني نبهان دامت قرابة 117 عاماً. تميزت الفترة الأولى لدولة اليعاربة باعتماد المنهج الإسلامي، حيث ألغيت الضرائب مثلاً وأعتمدت الزكاة مكانها.
مؤسسها ناصر بن مرشد بويع بالإمامة الإباضية سنة 1624م، حيث بنى أسطولاً بحرياً ضخماً مكنه من الإنتصار على القوات البرتغالية، وأخرج الفرس من رأس الخيمة.
قام خميس بن سعيد الشقصي بجمع علماء الإباضية وأعطى البيعة بالإمامة لناصر بن مرشد[30]، عارضت الكثير من القبائل والمدن العُمانية هذا الأمر بل أن قسم من أسرة ناصر بن مرشد نفسه عارض ذلك، قام ناصر بعدها بمحاولة توحيد البلاد إذ كانت البلاد مقسمة بين خمس قوى، مبتدئاً بأسرته التي كانت تحكم نخل والرستاق، حيث طرد ابن عمه مالك بن أبي العرب من قلعة الرستاق وتفرغ بعدها لناصر بن قطن، حيث كان يسيطر على الظاهرة. نجح في السيطرة على المدن الداخلية، بينما كانت المدن الساحلية في يد البرتغاليين[31].
حرر جلفار العُمانية (الاسم القديم لرأس الخيمة) عام 1633م من البرتغاليين ولم يلبث أن سيطر على معظم الساحل العُماني. إلا أن مسقط لم تسقط بيد دولة اليعاربة إلا في عهد الإمامسيف بن سلطان اليعربي سنة 1650م. في عام 1645م إتفق مع الإنجليز، منافسوا البرتغال على استعمال موانيء صحار والسيب بصورة حصرية قاطعاً طريق التجارة على البرتغاليين، حيث وقع معه فيليب وايلد ممثل شركة الهند الشرقية الإنجليزية عقداً بذلك. سنة 1648م، قام بمهاجمة مسقط مرة ثانية مما اضطر دوم جولياو نورونا القائد العام في مسقطأن يدفع الجزية لليعاربة، وأن يعفي السفن العُمانية من التفتيش عند الإبحار للخارج بشرط حصولها على تراخيص برتغالية لرحلة العودة، وشملت الإتفاقية العُمانييون الذين كانوا داخل مسقط نفسها حيث تم إعفائهم من جميع الرسوم والضرائب للبرتغال. تميزت الفترة الأولى لدولة اليعاربة باعتماد المنهج الإسلامي، حيث ألغيت الضرائب مثلا وأعتمدت الزكاة.

ساحل عُمان[عدل]

فقد كان لتحرير عُمان من الاستعمار البرتغالي سبباً في حدوث الإستقرار وبسط يد الأمان في ربوعها ومناطق الخليج العربي المختلفة، إلا أن الصراعات التي نشبت في أواخر عهداليعاربة أدت إلى بروز عدة تحالفات وفي ساحل عُمان برزت قوتان سياسيتان جديدتان، القوة الأولى بحرية تتألف من حلف من القبائل يتزعمه القواسم ومقرهم رأس الخيمة الذين أقلقوا الأسطول البريطاني وخاضوا ضدهم معارك عنيفة في منطاق نفوذهم على الساحل العُماني ولم يكتف القواسم بذلك بل أقلقوا الأسطول البريطاني وهاجموه في البحر الأحمر وسواحل الهند وأفريقيا. أما القوة الثانية فهي تحالف قبلي بري وهو تحالف بنو ياس وحلفائهم وكان يتزعمهم قبيلةآل بو فلاح ويمتد نفوذهم حتى خور العديد.
تكون هذه المنطقة (منطقة ساحل عُمان) القسم الشمالي من عُمان وبها سبع إمارات أقدمها في التكون إمارة رأس الخيمة التي كان لنشوب الحرب بين اليعاربة بداخل عُمان في القرن الثامن عشر الميلادي أثره الكبير في إنفرادها بالحكم، كما كان للحروب القبلية والنزاعات الداخلية والتدخل الأجنبي سواء الإنجليزي أو المد المد الوهابي الأثر الكبير في إنفصال هذه الإمارات وقيام مشيخات عرفت بإمارات ساحل عُمان أو إمارات ساحل عُمان المتصالحة أو عُمان المتصالحة أو الإمارات المتصالحة وساحل الهدنة أو كما سماها الإنجليز ساحل القراصنة.
تاريخ ساحل عُمان هو جزءاً مكملاً لتاريخ الوطن العُماني والإمارات اليوم سبع وهي: أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة، ولو نظرنا إلى الخارطة لوجدنا أن هذه الإمارات تقع على ضلعي مثلث تلاقي قمته مضيق هرمز وبها توجد مدينة خصب وتابعة لسلطنة مسقط (سلطنة عُمان بعد عام 1970 م) وتقع رأس الخيمة والشارقة ودبي وأبوظبي وعجمان وأم القيوين على الضلع الغربي للمثلث، أما الضلع الشرقي فهناك تقع المنطقة الشرقية من إمارة الشارقة وتجتمع في خور فكان وكلباء وإلى الشمال من الضلع الشرقي تقع مدينة دبا وتعتبر من أعرق المدن العُمانية في القدم وتقسم إلى ثلاثة أقسام قسم للشارقة وقسم للفجيرة وقسم لسلطنة مسقط وجنوبي كلبا تقع منطقة الباطنة التي تتعدد فيها القرى وتمتد الخضرة وهي الجزء الساحلي لسلطنة مسقط. هذه هي الإمارات العُمانية التي سنتعرف عليها وقد علمنا أن خمساً منها تقع على الجانب الغربي وواحدة مع توابع الأخر تقع على الجانب الشرقي وأدركنا أيضاً أنها لا تقع على ساحل واحد بل على ساحلين وإن إنفصالها عن الوطن الأم كان بسبب التدخل الأجنبي والنزاعات القبلية وحب السيطرة وعدم التفكير في مستقبل الوطن... فكان الوطن ضحية هذه النزاعات والفتن والتدخل الأجنبي، إلا أن إرادة الله فاقت كل هذه الأحوال وها نحن نشهد الكثير من مشاريع التنمية والإزدهار وننلمس في النفوس الرغبة بالسير قدماً نحو الإصلاح والتنمية ولم الشمل وما إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 14 شوال 1391 هـ الموافق 2 ديسمبر 1971م وما تبعته من أحداث وتنمية إلا برهانا على صدق النفوس والإخلاص لحب الوطن.
كانت المنطقة خلال ال150 عاماً التي سبقت قيام دولة الإمارات العربية المتحدة تحت الإنتداب البريطاني وربطت المملكة المتحدة حكام إمارات الساحل العُماني بإتفاقيات تقضي بتولي المملكة المتحدة مسؤولية الشؤون الخارجية والدفاعية مقابل أن يدير حكام الإمارات شؤونهم الداخلية. وحتى منتصف الخمسينات من القرن ال20 لم تشهد إمارات الساحل أي تطور نوعي في مجالات التنمية والاقتصاد وكان الحكام بأنفسهم يشقون الطريق نحو إرساء أسس التنمية بتشجيع وتمويل من بعض الدول العربية كدولة الكويت ودولة قطر التي ظهر فيها النفط في بداية الخمسينات وكذلك الجمهورية العربية المتحدة (الوحدة بين مصر وسوريا). الإتفاقيات التي أبرمتها الحكومة البريطانية مع شيوخ هذه الإمارات:

عُمان والإمبراطورية البرتغالية[عدل]

القائد البحري والسياسي ألفونسو دي ألبوكيرك 
كانت الإمبراطورية البرتغالية تسيطر على الهند في القرن السادس عشر الميلادي، فقد عين دوم فرنسيسكو ألميدا عام 1505م أول حاكم برتغالي هناك وكان يهم دوم عمانويل أن يؤمن حركة التجارة بحيث ينافس تجارة مصر والبندقية ويسيطر على طريق الهند، فأوعز إلى الفونس البوكرك أن يبحر متجها إلى الشرق لمساعدة ألميدا وكان البوكرك قد دخل البحر العربي عام 1503م، فجاء إلى ملكه بإقتراح توسيع الإمبراطورية البرتغالية وإقامة قلاع عسكرية في كل مدينة للبرتغال فيها مصالح وذلك للإشراف على حكم تلك المدن وضمان ولائها للإمبراطورية، فحبذ الملك الإقتراح وشجع البوكرك بأن أعطاه أمراً يعينه فيه نائباً له في الهند ولكنه طلب منه ألا يظهره إلا بعد ثلاث سنوات.
خرج البوكرك في أربع عشرة سفينة فإتجه أسطوله أولا إلى سقطره وإحتلها وأسس فيها مركزا للبرتغال وفي 10 أغسطس غادر الأسطول سقطرة متجها إلى جزر خوريا موريا (جزر الحلانيات) ثم رسا في رأس الحد حيث إصطدموا مع أربعين سفينة صيد تعود لهرمز فأحرقوها جميعها ومن رأس الحد إتجهوا إلى قلهات، وقد عرفنا إنها ميناء عُماني يسيطر عليه حاكم هرمز الفارسي والظاهر أن حرقهم للزوارق في رأس الحد قد أخاف سلطات هرمز في قلهات فلم يعارض البوكرك أحد ودخل المدينة وبعد ذلك إتجه إلى ميناء قريات شرقي مسقط فدارت معركة بينه وبين الأهالي قتل منهم ثمانون ومن البرتغال ثلاثة وعلى أثر ذلك أحرق الأسطول المدينة وأشعل النار أيضا في سفنها الراسية بالبحر وكان عددها أربعين سفينة.
واصل البوكرك جولته الوحشية فإتجه إلى مسقط وكانت ميناء تجارياً كبيراً وعندما علم أهلها بما أجرمه في قريات أرسلوا إليه شخصين من أعيانهم نيابة عنهم وعن حاكم المدينة وكانت مسقط تدفع أتاوة سنوية لحاكم هرمز مقابل تركها في تجارتها وحكمها لأهلها، فعرض المندوبان على البوكرك أن يتفقا معه بنفس شروط هرمز ولكن البوكرك جاء لينفذ إقتراحاته في إقامة القلاع والإحتلال التام وفي سلب الأهالي، فكيف يعود بغنيمة للملك ويترك أحلامه وتجارته وبحارته في ثروة الشرق، فإختلق عذراً يبرر به قرصنته، فأتهم الأهالي رغم المفاوضات الدائرة إنهم يستعدون لحربه، فأمر سفينتين من أسطوله بالوقوف على ساحل المدينة وأن تقصفها بعنف. قاوم الأهالي وعندما تعدت طاقتهم طلبوا إليه أن لا يحرق المدينة وعرضوا عليه دفع عشرة آلافأشرفي ذهباً خلال أربع وعشرين ساعة ولكن الدراهم لم تتوفر فأشعل النار في جوانبها وذهبت بيوتها ومساجدها وسفنها طعمة للنيران وغرق من السفن التجارية البكرة أربعة وثلاثون ولم تستطع النيران الملتهبة أن تطيح بأعمدة جامعها الذي كان في المكان المعروف اليوم بالجزيرة، فأمر جنده بهدم تلك الأعمدة، فسقطت عليه الجدران فترك الجامع وشأنه حتى حوله من بعد إلى كنيسة والجزيرة معناها بالبرتغالية كنيسة. وإنتشرت أنباء ألفونسو دي ألبوكيرك في عُمان جميعها ولكنهم ويا للأسف لم يظهر فيهم من يجمع كلمتهم وينازلوا هذا العدو الدخيل، فتركوا كل مدينة وشأنها وعندما هجم على صحار هرب سكانها خوفاً وهلعاً فدخلها ألفونسو دي ألبوكيرك وأعمل فيها النهب والسلب واستمر ألفونسو دي ألبوكيرك في طريقه بالموانئ العُمانية ينهب ويحرق ويسلب حتى وصل إلى خور فكان وهناك لقيه أهلها ببسالة فقاوموه مقاومة عنيفة ولكنه تمكن من دخول المدينة فإنتقم منها إنتقاما كبيرا فقام بقطع أنوف وآذان من وقع في يده من الأسرى وأحرق أحياء المدينة.
أما سيف الدين ملك هرمز فرغم أنه إستطاع أن يجمع ثلاثين ألف جندي وأن يقذف إلى البحر أربعمائة سفينة، ستون منها ضخمة ولكنه شاء أن يقف موقف الذليل، فوقع إتفاقية مع ألفونسو دي ألبوكيرك على أن يدفع له أتاوة سنوية وأن تكون تجارة البرتغال حرة وأن لا تدفع سفنهم إلا ما تدفعه السفن البرتغالية، وقد إحتفظ بنفوذه في رأس الخيمة، وبنى البرتغال بهرمز مصنعا لهم وقلعة تحمي حاميتهم وعلى إثر هذه الإتفاقية طلب الشاه إسماعيل ملك إيران الجزية من هرمز، فعاد هذا يسأل ألفونسو دي ألبوكيرك فوعده بالحماية وأن هرمز عليها البرتغال بإسطولهم ورجالهم.
وهكذا نجحت أول موجة استعمارية للدخول إلى بلاد العرب ولعل الوحشية التي تفجرت من إندفاعها كانت إيذانا بفظاعة الاستعمار في كل مراحلة بداية وتمكنا ونهاية وفي عام 1509م تولى البوكرك منصب نائب الملك في الهند ومات البوكرك في جوا بالهند عام 1515م فخلفه لوبو سورين. وفي عهد لوبو قامت ثورات في مسقط وصحار ولكنه تمكن من القضاء عليها وفي عام 1526م أعلن أهالي قلهات ومسقط الثورة ضد البرتغال فقضى عليها القائد لوبو فاز وبعد ذلك امتد نفوذ البرتغال في كافة الموانئ العربية المطلة على بحر العرب والخليج العربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق