مملكة مجان
لقد حطت في عُمان رحال الكثير من البحارة والجغرافيين والمؤرخين وكتبوا عنها وعن سماتها الديموغرافية والجغرافية، على أن تلك النصوص التاريخية تحيل الباحث تلقائياً إلى رسم المعالم الحدودية لعُمان في شكلها السياسي على وجه الخصوص كما هو الحال عند أي نص تاريخي مماثل لبلد آخر، ذلك أن الجغرافيا السياسية للبلدان لم تكن على مر التاريخ جامدة بل ظلت متحركة وخاضعة للعديد من المتغيرات والعوامل، كالعامل الزمني والعامل السياسي والعامل الاقتصادي والعامل الطبيعي والعامل الديموغرافي وهذا الأخير إنما تتشكل ملامحه هو الآخر بحسب المحددات والمؤثرات ذات البعد الإنساني وأهمها الإرتحال طلباً للرزق والعيش والإستقرار، لذلك فإن عُمان كانت واحة آمنة لموجات الهجرة العربية الأولى وبالأخص بعد إنهيار سد مأرب وخروج معظم القبائل العربية إلى أطراف الأرض حيث كان إنهيار السد العظيم علامة فارقة في تاريخ الأمة العربية وإنعطافة حادة للمسار التاريخي العربي، فكان لعُمان نصيب من ذلك.
كما كانت عُمان أرضاً خصبة لحراثة الكثير من الرحالة جهابذة التاريخ الذين لمعت أسماؤهم على صفحات التاريخ الإنساني من العرب والعجم وقد تركوا للإنسانية الكثير من الانتاج التأريخي الذي يمكن أن يعد بلغة العصر قاعدة بيانات ذات قيمة علمية عالية.
يعود تاريخ عمان إلى 8000 قبل الميلاد بينما تشير بعض الحفريات والقطع الأثرية إلى وجود نشاط لمستوطنات بشرية عاشت في عمان في عصور مبكرة ترجع إلى 10000 قبل الميلاد وقد عزز ذلك اكتشاف العديد من القطع الحجرية والآثار القديمة التي تشير إلى وجود أنشطة تعدينية وملاحية تتماثل في تقنياتها بين شرق عُمان وغربها، فضلاً عن تماثل التصاميم الخاصة بالمقابر في أقاليم جغرافية مختلفة تشير إلى أنها نتاج حضارة واحدة وقد عُرفت عمان عبر تلك السلاسل الزمنية الطويلة بعدة تسميات فقد أطلق عليها السومريون ودول بلاد ما بين النهرين اسم مملكة مجان (عمان) لشهرتها في إنتاج النحاس باعتبارها أرض النحاس وذلك في تطابق دلالي مع اللفظ السومري MAGAN الذي يعني أرض النحاس أو أرض الصخور والحجارة في إشارة مطابقة إلى الطبيعة الجغرافية الصخرية لعمان بخلاف الأراضي الصبخة والسهلة التي لا تستقيم دلالة اللفظ عليها إلى جانب حرفة صناعة السفن التي ظلت شهرة العُمانيونبها تاريخياً واسعة النطاق وظهر هذا الاسم مجان في نقوشهم المسمارية باعتبارها معاصرة لمملكة دلمون (البحرين) في شكلها السياسي القديم وحضارة ملوخا الواسعة التي تشير العديد من المصادر التاريخية إلى أنها تبدأ من السواحل الغربية للقارة الهندية كما يشير بعضها إلى منطقة رأس الحد بالسواحل الشرقية العُمانية.[22]
كذلك يشير بعضها الآخر إلى كونها منطقة أثيوبية بالقارة الأفريقية ومجان (أي عُمان) مملكة ذات حضارة واسعة وذات شهرة عالمية كبيرة لصلاتها وأنشطتها التجارية والزراعية والبحرية لذلك فهي تتجاوز النطاق الجغرافي العُماني في شكله السياسي الحالي لوجود شواهد أثرية وتاريخية عديدة تؤكد وجود إمتداد حضاري لمملكة مجان يبدأ من أراضي جزيرة مصيرة ورأس الجنز في الشرق العُماني ليشمل أجزاء من الساحل العُماني أو عُمان المتهادنة أو ساحل عُمان (دولة الإمارات العربية المتحدة حديثاً) قديماً قبل إنفصال الساحل المذكور عن الشمال العُماني من ناهيك عن ورود اسم مجان في النقوش السومرية ليشمل الخليج العربي حالياً من تلك الشواهد تماثل تصاميم المدافن والأسوار والتحصينات العسكرية وأشكال العمارة والتي أدرج بعضها ضمن قائمة التراث العالمي منها على سبيل المثال موقع بات بولاية عبري وحصن بهلاء بالمنطقة الداخلية ثم مثل ذلك موقع سمد الشان بولاية المضيبي إلى جانب تماثل بعض الفخاريات والأواني وأدوات الزراعة والحراثة لتمتع المنطقة العُمانية بموارد مائية عديدة وأنظمة ري دفعت بالعُمانيين إلى الإشتغال بالزراعة وهذا بخلاف المناطق الساحلية والصبخة المعادية للحياة عموماً إلى جانب وجود قطع أثرية أخرى عديدة تعكس سلطة الطبيعة الجغرافية والمناخية للمنطقة التي دفعت بسكانها لعُمانيين إلى إحتراف تلك الصناعات وبالتالي الحاجة إلى أدواتها وآلياتها فضلاً عن أن مظاهر تلك الممارسات الحياتية إنما هي في الحقيقة سمات مجتمع موحد نمطياً تربط أطرافه روابط اجتماعية واقتصادية وسياسية واحدة متصلة بالمركز السياسي لمجان.
العصور الحجرية القديمة[عدل]
تعود بداية حضارة الإنسان في عُمان إلى الألفية الثامنة قبل الميلاد وفيها صنع الإنسان العُماني أدواته من الحجر العادي وهناك آثار ونقوش في عُمان ترجع إلى هذا العصر. وتتعدد تلك النقوش في عُمان ما بين الحفر على الصخر في شمال عُمان إلى استخدام الألوان في جنوبها في ظفار وتبدو في تلك النقوش صور بشرية وحيوانات برية، كما عثرت البعثات الاثرية في عُمان على أدوات عديدة تنتمي إلى هذا العصر مثل الفؤوس وأدوات الصيد وهياكل عظمية لحيوات برية وأدوات حجرية ونقوش في ظفار وسيوان (هيما).
العصر الحجري[عدل]
تمكن الإنسان العُماني في هذا العصر الوسيط من إستثمار الموارد الطبيعية المتاحة، فشكل أدوات مفيدة من حجر الصوان أشتملت على الفؤوس والمكاشط والمدقات، كما بدأت الخطوات الأولى نحو صناعة الفخار وتميزت مواقع عُمان المكتشفة والتي تنتمي إلى هذا العصر بوجود نظم جديدة في بناء المقابر وعمليات الدفن وأدوات تدل على جوانب عقائدية تصور الحياة في العالم الآخر.
العصر الحجري الحديث[عدل]
بدأ الإنسان العُماني بصناعة أدواته من حجر الصوان الشديد الصلابة، الأمر الذي يحتاج إلى أدوات وتقنية متقدمة، كما ظهرت الأواني الفخارية والرحى لطحن الحبوب، وتعد الرحى أهم إنجازات الإنسان في هذا العصر.
أهم المكتشفات الأثرية من العصور القديمة[عدل]
وفي عُمان تم اكتشاف العديد من مواقع التجمعات البشرية والمستوطنات الكبيرة على السواحل و في الأودية وعلى سفوح الجبال وعُثر على عظام الحيوانات مثل الأبقار والظباء والجمال و تعد آثار رأس الحمراء بمسقط أهمها على الإطلاق، كما تشير محتويات موقع حفيت الأثري وآثار بات على الوضع الحضاري لتلك العصور في عُمان، ومن أبرز المواقع التي عُثر فيها على شواهد أثرية (مستوطنة الوطية) بمحافظة مسقط يرجع تاريخها إلى الألف العاشرة قبل الميلاد، عثر بها على مخلفات أثرية أشتملت على أدوات حجرية وقطع من الفخار، كما عُثر على مواقد للنار وبعض الأدوات الصوانية الحادة والمسننة على شكل مكاشط وأنصال وسهام، وبعض النقوش الصخرية التي تعبر عن أساليب الصيد وطرق مقاومة الحيوانات المفترسة.
التاريخ القديم[عدل]
عُمان تملك تاريخاً قديماً لدول مستمرة ولكن أجزاء من سلطنة عُمان اليوم شكلت محطات تجارية في التاريخ القديم[25] ظهرتمجان في النصوص السومرية من بلاد الرافدين ويُعتقد أنها المنطقة من شمال سلطنة عُمان وتشمل دولة الإمارات العربية المتحدةاليوم[26] كانت المنطقة مرتبطة بالنحاس والتي كانت عنصراً مهما لحضارات بلاد الرافدين القديمة.
إختفت مجان عقب سقوط سلالة أور الثالثة في العراق في العام 2000 قبل الميلاد[27] سيطرت الإمبراطورية الأخمينية الفارسيةعلى المنطقة بقيادة كورش الكبير في القرن السادس قبل الميلاد[28] فيما كانت ظفار، مرتبطة بالممالك العربية الجنوبية القديمة[29]لعُمان ثلاث مسميات قديمة وهي مجان ومزون وعُمان، حيث يعني الأول (مجان) أرض النحاس في الكتب السومرية ويعود ذلك لإشتهار عُمان قديماً بتصنيع النحاس وصهره وتجارته مع الحضارات الأخرى أما مزون فيأتي من (مزن) وتعني الغيمة الماطرة ويدل ذلك على وفرة المياة قديماً في عُمان في حين أن اسم عُمان قيل أنه نسبة إلى عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام ويقال أيضاً أنه نسبة لمنطقة في اليمن تسمى عُمان وأخذ هذا الاسم إلى عُمان (البلاد) المهاجرون بعد إنهيار سد مأرب باليمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق